بعد جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخليجية، التي شملت السعودية والإمارات وقطر، تترقب الساحة المحلية زيارة الموفدة الأميركي مورغان أورتاغوس، التي من المتوقع أن تكون هذا الأسبوع، للبحث في مصير الملف اللبناني بعد التحول الذي سُجل خلال جولة ترامب، تحديداً لقائه مع الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع، برعاية من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وحضور الرئيس التركي رجب طيب أروغان عن بعد.
في هذا السياق، تعمد الرئيس الأميركي، خلال هذه الجولة، توجيه رسالة واضحة إلى الجانب اللبناني، عبر الإشارة إلى أن لديه فرصة قد لا تتكرر، لم تتأخر أورتاغوس في الكشف عن المقصود، عبر دعوة المسؤوليين إلى التعلم من تجربة الشرع، رغم كل ماضي الرجل المتنقل بين التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى علامات الإستفهام التي تُرسم حول سلوكه، بعد وصوله إلى السلطة، سواء بالنسبة إلى الإستفراد فيها أو التجاوزات التي طالت بعض المكونات الطائفيّة.
بالنسبة إلى مصادر سياسية متابعة، الأساس في سلوك الشرع، المطلوب أميركياً، هو التعاون الذي يبديه في الملفات التي تهم واشنطن، أي تلك المتعلقة بالتعاون مع إسرائيل، حيث لم يُعارض ما طرح عليه بالنسبة إلى الإنضمام إلى مسار إتفاقات السلام، في حين كانت الولايات المتحدة، بعد توقيع إتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، تطمح إلى الوصول لحل مع بيروت يصب في هذا الإتجاه، تم التمهيد له عبر الحديث عن اللجان الدبلوماسية.
في زيارتها الثانية إلى لبنان، بعد أن كانت في الأولى قد أدلت بتصريحات وصفت بأنها تجاوزاً للأصول الدبلوماسية، ذهبت أورتاغوس إلى مواقف أقل حدة في الشكل، لكن تصب في الإطار نفسه في المضمون، على عكس ما كانت التسريبات الإعلامية التي سبقتها قد أوحت به، واصفة "حزب الله" بالـ"السرطان" الذي على لبنان استئصاله إذا أراد التعافي، من دون الإشارة أي جدول زمني، مكتفية بالإشارة إلى أن ذلك مطلوب بأسرع وقت ممكن.
وتشير المصادر إلى أن الأهم، في المرحلة الراهنة، هو أن زيارتها الثالثة تأتي على وقع التحول الكبير في الساحة السورية، بعد أن كانت قد طرحت، في الزيارة الثانية، على السلطة والشعب في لبنان معادلة واضحة: "التعاون معنا لنزع سلاح حزب الله وتطبيق وقف الأعمال العدائية وإنهاء الفساد وسنكون شريكاً وصديقاً، أو التباطؤ من قبل الحكومة والقادة، وهنا لا يتوقعون شراكة معنا".
من الناحية العملية، التوجه الذي ذهب إليه الشرع يعطي قوة دفع للضغوط الأميركية في لبنان، حيث ستذهب واشنطن إلى إعادة الحديث عن إحتمال ضياع الفرصة الموجودة، بسبب ما تعتبره "مماطلة" من قبل المسؤولين اللبنانيين، على عكس ما هو الحال في سوريا، حيث تظهر السلطة الجديدة رغبة في التجاوب السريع.
في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أنه في لبنان تبقى المعالجة الهادئة التي يسعى إليها رئيس الجمهورية جوزاف عون، على قاعدة أن ليس مطلوباً الذهاب إلى خيارات تقود إلى تفجير الأوضاع الداخلية، هي الأساس، لكن هذا لا يلغي أن زيادة الضغوط الأميركية ستدفع بعض الأفرقاء إلى التصعيد أكثر، إنطلاقاً من العنوان نفسه، أي خسارة الفرصة بس عدم المبادرة إلى معالجة ملف سلاح "حزب الله"، في حين أن الأخير كان قد تعمد، في الفترة الماضية، رفع مستوى تحذيراته.